أحلام وكوابيس” ..رحلة الإرث المهني النبيل والمتجدد

أحمد اسماعيل
كمن يتعمّق في صورة قديمة من الزمن الجميل ، وقفت مزهواً مسروراً وانا أتوقف واقرأ مضمون كتاب أخي وزميلي العزيز الصحفي البارع محمد ابراهيم ” أحلام وكوابيس ” لأجد في ثناياه ذكريات وصور وشواهد ورؤى تحاكي صدى السنين الحاكي الذي عاشته الرياضة العراقية في نصف قرن .. ومن بين السمات الجميلة لهذا الوليد الذي أبصر النور انه كان يجوب بنا في محطات السنين عبر اربع عقود عاشها ووثقها المؤلف ببراعته وصدق ونقاء انتقالاته بين المحطات والأحداث والوجوه التي شاهدها ومر بها في المشهد الرياضي وتجاربه وغرائبه .
ومن بين المعالم الجميلة في الكتاب ، مقدمته التي كتبها أخي الحبيب والصحفي المقتدر الأستاذ صفاء العبد الذي وضع بلغته الرشيقة والمفعمة بالاقتدار والشاعرية ما يعنيه الحديث عن : ” أسم لامع وكبير في دنيا الصحافة يحتاج بكل تأكيد الى الخوض في الكثير من التفاصيل التي رافقت تلك المسيرة وخصوصا عندما تكون تلك المسيرة معززة بكل ما يؤشر ويثبت ويؤكد انها حافلة بنجاحات قل نظيرها “.
نعم ان مسيرة العزيز أبو سرمد حافلة بالمحطات والارث المهني والاخلاقي لانني عشت معه وعاصرته وأدركت عمق وصدق هذه المسيرة المهنية المشرفة في اكثر من مكان ، فوجدته الصحفي المبدع والمعطاء الذي يكابد المصاعب ليقدم لقرائه ومتابعيه المادة الصحفية المميزة بروح الموضوعية والتجرد والابداع طيلة سنوات حياته مع مهنة البحث عن المتاعب وخاصة انه تعلم الكثير من أساتذته الذين يحبهم ويحبونه وفي مقدمتهم الراحلين عبد الجليل موسى ويحيى زكي يرحمهما الله ..
ولهذا كله نجح في ان يعكس عبر سلسلة مقالاته التي ضمها الكتاب عمق الوفاء لأعز وأغلى ما فقده في حياته وهي الوالدة عليها رحمة الله تعالى مروراً بالاحداث التي تضمنتها مسيرة الرياضة العراقية وخاصة الراحلين من رجال الاعلام الذين انتقلوا الى رب كريم وتركوا في قلوبنا ألم الفراق ولوعة الغياب.
لقد عقد المؤلف المبدع العزم على ان يجمع مقالاته في رحلة عناء تكللت بالنجاح ، رغم تحديات الجائحة التي تجعل هذا الهدف صعب المنال فكانت صفحات الكتاب مزيجاً من مقالات متعددة الأوجه والأزمنة ولم تكن مقتصرة على كرة القدم فقط وانما توقفت عند باقي الالعاب عبر متابعة ميدانية دؤوبة عبر اكثر من ثلاث عقود ونصف .
وفي لغة تقطر وفاء ، توقف المؤلف عند محطات استذكاره المخلص للراحلين ، فكتب عن الراحل الاستاذ يحيى زكي : غاب يحيى زكي أبو محمد , وترك منضدته التي عاشت معاناته اللذيذة ، ولم يمهله القدر ليسطر فوقها كل ماكان يطمح لتدوينه” ، واستذكر فقده للزميل سلمان علي : اذا كان الراحل أبو يوسف قد فجر مشاعر الحزن في نفوسنا ، فأنه في الوقت نفسه أشعرنا بالمكانة المتميزة التي يحتلها الراحل العزيز في نفوس زملائه وأصدقائه الاوفياء “.
كما كتب عن الراحل العزيز الاستاذ سعدون جواد ليذكرنا بما يعنيه مصابنا الأليم برحيل أبي نزار قائلاً : سعدون جواد قامة اعلامية سامقة جديدة انضمت لقائمة الراحلين من الذين طوت جائحة كورونا اللعينة صفحته”. ولأن ” أحلام وكوابيس ” يمثل اختصاراً لسنوات مهمة من تاريخنا الرياضي ، فان المؤلف كتب عن أسود الرافدين في سعدهم وشقائهم ، انجازاتهم واخفاقاتهم .
وكتب عن الكرة وابطالها ومدربي ونجوم أنديتنا ومنتخباتنا وعن الحكام وهمومهم وعن أجيال محظوظة ونجوم قادمة واخرى طواها النسيان. كما تناول مشاركات مختلفة لمنتخبنا ولاعبين يلعبون على طريقة والت ديزني ، مقارنة بمن يلعب على طريقة ميشيل بلاتيني في سنوات تألقه. وكتب عن عروس الألعاب وابطال الأمس واليوم وهواة السرقات ومحترفوها ودوريات الالعاب وأرقام المتسابقين واللاهثين وراء الذهب وطقوس التشجيع وغيرها الكثير من المقالات. شكراً محمد ابراهيم ، وشكراً لاضاءات حملتها ” كتابة من أول السطر ” .