هل نحن مجتمع سلبي؟
ميني مقال
بعد مشاهدتي لمباريات الجولة ال «14» من دوري النجوم وتحديداً مباراة الريان والشحانية، استوقفني واستوقف الجميع منظر المدرجات التي كانت» فاضية.. «فإذا كان ذلك قد حصل في مباراة للريان صاحب الحضور الجماهيري الكبير، فكيف بالفرق الأخرى؟ وقبل ذلك كان هناك من سألني: لماذا لا يحضر الجمهور الى ملاعبنا؟.
وهذا السؤال الصعب كثيراً ما يواجهني كإعلامي ومتابع برغم الحوافز والتشجيع وتوفر البنى التحتية من ملاعب ومنشآت وقيمة فنية ومالية لا ينقصها شيء في دورينا سواء في اسماء المدربين او اللاعبين، ومع ذلك لا يحضر الجمهور.. سؤال آخر يطرح نفسه: هل هناك خلل في الأندية ام الاتحاد؟، قد لا يكون من المنصف ان نرمي التهمة جزافاً على الاثنين، ولكنهما بلا شك يتحملان جزءا من المسؤولية!.
دعونا نبتعد قليلاً لجوانب كثيرة في مجتمعنا، وسنجد قواسم مشتركة تحصل في مجالات اخرى يمكن ان تساعدنا في ان نضع يدنا على الجرح.. خذوا بعض الامثلة من هذه، فهناك شركات تُدرج في سوق البورصة القطرية وفيها مواطنون لديهم -مثلاً- عشرة أسهم لا تتجاوز قيمتها ألف ريال وآخرون لديهم أسهم تتجاوز الملايين، ومع ذلك لا يحضر هؤلاء اجتماع الجمعية العمومية السنوي الذي قد يؤدي فيه صوتهم الى محاسبة مجلس الادارة او حتى تغييره، او محاسبته في حالة الخسارة وشكره في تحقيق الأرباح.
خذوا المثل الثاني، تأتينا رسائل من مدارس فيها ابناؤنا وفلذات أكبادنا وعنوان مستقبلنا لحضور اجتماع اولياء الامور حيث ان اقل معدل لطلبة هذه المدرسة يتراوح بين 300 – 400 طالب ومع ذلك فان عدد الذين يحضرون من أولياء الأمور لا يزيد على 30 – 40 في اقصى تقدير، فلماذا يقصر أولياء الامور في حضور هذه الاجتماعات وهم يعلمون ان لهذا الحضور أهمية كبيرة في تحديد مستقبل ابنائهم وفي مناقشة ادارات المدارس ومعاتبتهم ودعمهم كونهم شركاء معهم.
أعطيكم مثالا أكبر، وهو انتخابات المجلس البلدي للمناطق حيث الحضور فيها قليل أيضاً مع ان عضو المجلس البلدي يمكن ان يكون مؤثراً في منطقته وينعكس حضوره بالايجاب، ومع ذلك لا يحضرون للتصويت عليه!، وهناك أمثلة اخرى لفعاليات تقيمها الدولة في قطاعات مختلفة كالفن والثقافة والاقتصاد والمجتمع وغيرها وفيها الحضور قليل ايضاً مما يجعلني أقول إن عزوف الجمهور عن حضور
مباريات الكرة ما هو الا مثال من الامثلة التي سقتها اليكم.
ان هذه الامثلة وسواها تفرز ظاهرة سلبية وسيئة عنوانها غياب الجماهير وهي واحدة من نماذج حياة مجتمعنا، فهل المجتمع القطري تنقصه الثقافة؟، هل هو خجول؟، هل له هوايات أخرى؟،.. وغيرها الكثير من التساؤلات التي لا استطيع ان أسردها تفصيلياً بدون الحل.
الحل ممكن، ويكمن في ثقافة التفاعل والحضور من خلال مبادرات تبدأ في المدارس عبر صقل شخصية ابنائنا الطلبة وتنمية هواياتهم وثقافاتهم من خلال توجيههم الوجهة الصحيحة وتعزيز ميولهم في ثقافة الاختيار لما هو جميل ومميز كأن نعمل لهم تصويتاً لاختيار افضل مدرس وافضل طالب وتنمية فن الإلقاء والجرأة وصقل مواهبهم وقدراتهم.
هو مجرد اقتراح لعله يحرك المياه الراكدة، وأكيد ان لديكم الكثير من المقترحات التي نتمنى ان نسمعها ونسعد بنشرها على صفحات جريدتنا، وحبذا لو تتبناها وزارة الثقافة والرياضة من خلال ندوة كبيرة لنعرف كيف نشخص هذه الحالة، لاننا اذا عرفنا التشخيص فستكون هناك حلول في الملاعب وخارجها بكل تأكيد.
وأخيراً، أستطيع ان أجزم بأننا لسنا مجتمعاً سلبياً ودليلي على ذلك ما حصل قبل ايام عندما طلبوا الفزعة لحلب، فهبّ مواطنونا ليقولوا «حلب لبيه ».. ودمتم.
ماجد الخليفي