لماذا لم يحتج الإنكليز؟

هنا نلتقي..
فجأة، انتظر سيب بلاتر رئيس الفيفا الموقوف قرابة خمس سنوات ليفجر قنبلة اعلامية مفادها بانه كان يخطط لأن تستضيف روسيا والولايات المتحدة نهائيات كأس العالم عامي 2018 و2022 ملقيا باللائمة على ميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي في فوز ملف قطر على حساب الملف الأمريكي.
بل وزاد على ذلك عندما اعتبر أن التصويت الذي جرى في عام 2010 على استضافة نسختي 2018 و2022 من بطولة كأس العالم شكل المحفز للأزمة التي يمر بها الفيفا حاليا.. وهذا التصريح المثير للجدل يجعلني أتوقف عند نقطة هامة تتعلق برد الفعل الانكليزي على تبعات هذا التصريح وهل انه كان بمستوى الجعجعة الفارغة التي تعاملت بها الصحافة الانكليزية مع ملف قطر منذ انتصاره التاريخي في زيوريخ قبل خمس سنوات وحتى يومنا هذا؟.
سؤال منطقي لابد ان يطرحه الكثير من المتابعين لما يجري على صعيد الفيفا، اذ لا نعرف مبرراً واحداً للصمت المطبق الذي يخيم على المسؤولين الإنكليز وعدم مطالبتهم بسحب البطولة من روسيا والاقتصار على المطالبة بتعويض مالي لقاء ما أنفقوه على ملفهم الفاشل!.
نقول ذلك ونحن امام سلسلة طويلة من المزاعم والافتراءات التي ظلت تطبل لها الصحف الانكليزية وجعلت منها مسوغاً مضحكاً لمطالب سحب البطولة من قطر عبر نسيج متكامل من الاكاذيب بدءا من التصويت ومرورا بحقوق العمال والوفيات المزعومة التي حصلت في مشاريع الاستضافة وحقوق الانسان وانتهاء بقضية الصيف والشتاء والتي حسمت لصالح قطر بقرار أفشل فيه المنصفون في الاسرة الكروية العالمية ما كان يحاك ضد قطر من محاولات ودسائس كانت تجد طريقها الى الصحف الصفراء بلا سند او دليل!.
فالصحافة الانكليزية وهي تسمع بتصريح الرجل الذي قاد منظومة الفيفا في السنوات الـ17 الاخيرة، لم تتحرك ولم نسمع لها صوتا يطالب بالثأر ممن تسبب في خسارته أو اخذ حق الجمهور الإنكليزي العاشق لكرة القدم في نيل استضافة البطولة بدلا من التركيز على قطر في كل شيء وكأنها هي التي تسببت في فشل الملف الانكليزي وفي الصدمة التي خلفها عند جماهيره بفوزه بصوت واحد الى جانب صوت جيوف سومبثون نائب رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم.
واذا نسي الانكليز مقولة: «اذا كان بيتك من زجاج فلا ترمِ الناس بالحجارة».. فنحن نذكرهم بما قالته صحيفة التلغراف من ان اسم المرشح الكوري السابق لانتخابات الفيفا تشونغ والامير ويليام ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون كانوا محور فضيحة تبادل أصوات عشية تقديم ملف انكلترا لاستضافة كأس العالم 2018، بل ان الامير ويليام وكاميرون كانا في قلب معركة ملء مكان سيب بلاتر بعد اتهام المرشح الرئاسي للفيفا تشونغ بسلسلة من التهم التي أدت في النهاية الى ايقافه.
ثم يستمر مسلسل الفضائح .. وها هي البلدان التي كانت تتهم الملف القطري بالفساد تغرق في مستنقع الفساد ويخرج الملف القطري بريئا منه جملة وتفصيلا . فاستراليا التي كانت تتبجح بالملف النظيف والنموذجي أصبحت ” أم الفساد ” وغسيل الأموال وحامت حول ملفها شبهات تضمنت عملية غسيل أموال وتقديم رشوة إلى جاك وارنر نائب رئيس الاتحاد الدولى لكرة القدم السابق. والشيء نفسه يقال عن المانيا التي لطالما انضم اعلامها الى جوقة المطبلين ضد الملف القطري تتعرض الى موجة انتقادات بسبب اتهامات تتعلق بتورطها في دفع الرشاوى من أجل حصولها على حق استضافة مونديال 2006 .
حتى الأميركان أنفسهم هاجمونا منذ اليوم الاول لفوز ملفنا بتنظيم كأس العالم 2022، ولعلكم تذكرون تصريح الرئيس أوباما الذي وصف فيه فوزنا المستحق في التصويت بأنه «قرار سيئ» ناسيا او متناسيا ان الملف القطري تفوق على جميع الملفات والعروض بمزايا كثيرة لم تتوافر حتى في الملف الاميركي، ومن بينها البند المالي الذي يستوفي مقومات النجاح لكل استضافة، بينما كان ملفنا محط الاهتمام والرعاية من القيادة الرشيدة وبتفاعل ومشاركة الوزارات والجهات المشاركة في مختلف المشاريع. بل ان بعض الصحف الاميركية مثل «الواشنطن بوست» انضمت الى حملة الاكاذيب التي شنتها بعض الصحف الانكليزية الصفراء، ونذكر لها التوقع الغريب والمضحك الذي ادعت فيه ان نحو 4000 عامل سيموتون من الان وحتى انجاز بناء البنى التحتية استعدادا لكأس العالم 2022!.
فاذا كانوا يدعون بأن قرار منح كأس العالم لقطر قد تحقق بفعل اجتماع الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي وسمو الأمير المفدى يحفظه الله يوم كان ولياً للعهد، فنحن نقول ايضا بأن بلاتر جلس مع اوباما من أجل كأس العالم قبل ان ينقلب السحر على الساحر!.
إنهم يتكلمون عن المنافسة الشريفة وينسون ما فعله عجوزهم «اللص» تشاك بليزر الذي كان يروج لملفهم والذي اوقفته تنفيذية الفيفا مدى الحياة بسبب ارتكابه أعمالا متنوعة من سوء السلوك خلال فترة توليه مناصب مسؤولة ومؤثرة في الاتحاد الدولي واتحاد كونكاكاف، كيف لا وهو كان لاعبا محوريا في برامج تتعلق بالرشى وتسلم دفعات غير معلنة وغير قانونية وعمولات وكذلك برامج تربح أخرى.
وعدا تجسسه على مسؤولين رياضيين كبار، فقد اعترف بليزر في 2013 بحصوله على رشوة من أجل توجيه الأصوات نحو منح فرنسا وجنوب إفريقيا حق استضافة بطولتي كأس العالم عامي 1998 و2010 على الترتيب.
ثم يتباكون على حقوق الانسان والسود في الولايات المتحدة يتعرضون للاذلال والظلم والتنكيل والقتل المنظم بلا وازع من مسؤولية علی ید الشرطة الأمريكية وكثيرا ما تتم تبرئة رجال الشرطة الذين ارتكبوا جريمة القتل. ليس هذا فقط، بل يكونون سببا في تدمير حضارة بلد شقيق وهو العراق تحت مبررات اكدوا من جانبهم بطلان بعضها كما فعل توني بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق الذي اعترف بوجود اخطاء ومعلومات خاطئة بني على اساسها قرار غزو هذا البلد عام 2003، وهو قرار بات أغلبية البريطانيين يعتقدون أنه كان كارثيا.
ماذا يريدون من قطر اذاً؟
لماذا يقحمون السياسة في موضوع رياضي، ونحن نؤمن بأن بلدنا سيحمل عام 2022 رسالة تقريب الشعوب من بعضها مهما اختلفت دياناتها وثقافاتها تحت رابطٍ واحد يتمثل في حبهم لكرة القدم؟. متى يدركون ان موازين اللعبة تغيرت وان قطر البلد الصغير في مساحته، الكبير في فعله وتأثيره ماض في تحدي الصعاب ومواصلة الجهود لتنظيم نسخة مونديالية فريدة عبر مجموعة من الخطوات والتدابير الفاعلة وآخرها صدور قرار الغاء نظام الكفالة ووضع معايير رفاهية العمالة الوافدة وتحسين اوضاعهم وحسم موضوع دفوعاتهم المالية. ليس هذا فقط، بل إن قانون الغاء الكفالة أسكت المغرضين ممن عزفوا على وتر حقوق العمال، والادعاء بعدم التزام قطر بوعودها التي أعلنت عنها بشأن تحسين أوضاعهم في الطريق لاستضافة كأس العالم 2022.
قصة النجاح المتواصل الذي تحققه قطر بسواعد شبابها مازالت راسخة وقوية تغيظ الحاقدين وتسعد أبناء بلدنا وكل جماهير امة العرب وعموم منطقة الشرق الاوسط التي جلبنا لها المونديال لاول مرة وفق اسس وثوابت مازالت هي الأقوى والأرسخ رغم ادعاءات التضليل والكذب!.
ماجد الخليفي