تقرير جارسيا – لاجديد

أحدث إعلان صحيفة ” بيلد ” الألمانية عن حصولها على نسخة كاملة من تقرير مايكل جارسيا الرئيس السابق لغرفة التحقيق بلجنة الأخلاق بالفيفا ضجة إعلامية كبيرة. وما يهمني في بداية هذا المقال هو تصحيح “مفهوم” خاطىء لدى الكثيرين وهو الإعتقاد بأن “تقرير جارسيا” هو تقرير خاص بمونديال قطر 2022.
هذا المفهوم أو الاعتقاد خاطئ تماما.. والجديد فيه فقط ان الإعلام الغربي هو من كان يحاول تكريس هذا المفهوم بالوكالة للهجوم على مونديال قطر 2022، أما الجديد الآن فهو أن بعض الإعلام ” الشقيق ” من يحاول تكريس هذا المفهوم المغلوط، نكاية أو لنقل دون علم وفهم.
وتبقى الحقيقة الجلية، وهي أن تقرير جارسيا تم فيه التحقيق في 7 ملفات كانت متقدمة لتنظيم مونديالي 2018 و2022 عندما كلف الفيفا لجنة الأخلاق مطلع 2014 لفتح تحقيق في سلامة الإجراءات الخاصة بالملفات السبع (ليس مونديال 2022 فقط)، والتحقيق أيضا في إجراءات حصول الفائزين الاثنين (روسيا وقطر) على استضافة الحدثين، وتولى هذا الجانب مايكل جارسيا.
وقبل نهاية عام 2014 قدم جارسيا تقريره إلى غرفة الحكم في لجنة الأخلاق بالفيفا وهي الغرفة التي كان يترأسها القاضي الألماني جواكيم إيكرت (الذي انتهت ولايته قبل شهرين)، ووظيفتها إصدار الحكم النهائي في أي تحقيق.
وفي 13 نوفمبر 2014 أصدر إيكرت قراره النهائي بصحة إجراءات إسناد الفيفا لروسيا وقطر تنظيم مونديالي 2018 و2022 ووجه لوماً كثيرا إلى الملف الإنجليزي تحديدا ولوما أقل حدة إلى الملف الأسترالي وكذك الملفات المشتركة سواء اليابان وكوريا أو اسبانيا وهولندا ولم يخل أي ملف من الملفات السبع من اللوم في تقرير جارسيا، الذي تم آنذاك الكشف عن جزء منه يبلغ 43 صفحة وبقي التقرير نفسه والمؤلف من 430 صفحة دون نشر.
لكن ما الجديد في كشف صحيفة بيلد الألمانية بعد حصولها على نسخة كاملة من التقرير؟
الحقيقة أن الجديد في كشف “بيلد” انه (لا جديد)، فالنسخة التنفيذية التي نشرت في 2014 والمؤلفة من 43 ورقة أوضحت العناوين العريضة للتجاوزات التي لم يرق أي منها أو كلها مجتمعة ليقوم الفيفا بإعادة التصويت على مونديالي 2018 و2022 كما أن كل ما جاء في عناوين بيلد (وبالتأكيد هو أقوى ما لديهم) وفي مقدمة هذا (الإنفراد الصحفي)، هو في حقيقة الأمر مكرر.
مثلا: موضوع الـ2 مليون دولار المحولة من جهة غامضة إلى ابنة أحد مسؤولي الفيفا (ويقصدون ريكاردو تيكسييرا رئيس الاتحاد البرازيلي السابق)، هذا الامر تم الكشف عنه في أبريل 2014.
مثلا: موضوع طلب رئيس لجنة التفتيش على ملفات الدول المرشحة لتنظيم مونديالي 2018 و2022 وهو الشيلي نيكولا مايني، خدمات من أحد المسؤولين في أسباير وهي تدريب ابنه وأحد أقاربه في أكاديمية أسباير. هذا الموضوع تم الكشف عنه أيضا ونشرته صحيفة الدايلي ميل في يوليو 2015 بل ونشرت الإيميلات المسربة رد المسؤول في أسباير والذي اعتذر بما يوضح نزاهة وشفافية هذه المؤسسة الدولية المرموقة.
وجاء في رد مسؤول اسباير وفق الصحيفة :”بالنظر لأن هناك عملية جارية لاستضافة كأس العالم 2018 و2022، ولأن قطر من الدول المتنافسة على استضافة المونديال، فإننا نرى أنه من الأفضل عدم الحديث عن مثل هذه الأمور التي قد تفتح المجال أما تأويلات وتفسيرات خاطئة، وذلك على الرغم من ان أسباير ليست طرفا في استضافة المونديال.. وأشكر لكم تفهمكم للأمر”.
وأحب أن أضيف هنا أيضا حقيقة مهمة وهي أن اللجنة العليا للمشاريع والإرث أعلنت ربما في مناسبة أو اثنتين وردا على تساؤلات الصحافة العالمية أن أمر (نشر) تقرير جارسيا كاملا لا يعنيها أو بمعنى آخر لا يقلقها. أما لماذا لم ينشر الفيفا تقرير جارسيا كاملا، رغم أنه استخدم من ديسمبر 2014 كمنصة للمزايدات الفارغة في الصحافة الصفراء ؟
الإجابة – ونحن لا نتبنى الإجابة فقط ننقلها – أن الفيفا نفسه أعلن بوضوح أن أسباباً قانونية فقط حالت دون نشر التقرير كاملاً ، والمعنى الآخر أن التقرير ليس به أي شئ يتعلق بالفساد في تنظيم مونديالي 2018 و2022 أخطر مما نشر.
والآن دعونا من كل هذه الحقائق المقرونة بالتواريخ والأدلة والتي سردتها هنا، ولنذهب مباشرة للصحفي صاحب انفراد (نشر) تقرير جارسيا في صحيفة بيلد الألمانية وهو بيتر روسبيرج. ماذا قال؟.
قال روسبيرج بالحرف الواحد: “كل من له علاقة أو يتابع موضوع الفيفا ويعرف عن تقرير جارسيا، سيكتشف أن الأمر ليس مفاجأة – فالتقرير لا يقدم أي دليل على شراء مونديالي 2018 و2022. ومن السذاجة الاعتقاد بأن أناس مثل مايكل جارسيا أو (كورنيل بوربلي – نائبه آنذاك) لديهما دليل قاطع على ذلك”.
هذا ما كتبه وقاله روسبيرج الرجل الذي قرأ التقرير كاملا (430 صفحة)، وقدم للمترقبين والمتحفزين خلاصته.. وهذا ليس بجديد، فهي نفس الخلاصة التي توصل إليها القاضي الألماني جواكيم إيكرت في ديسمبر 2014 وبناء عليه قرر إغلاق ملف التحقيق نهائياً .
وما عدا ذلك ربما يخرج كشف هنا أو هناك، لكن كل ذلك لن يكون له أي تأثير من قريب أو من بعيد عن تنظيم منطقة الشرق الأوسط لأول مونديال في التاريخ.. فقط سيكون مصدراً لأكاذيب ومزاعم إعلامية هي أيضا لم تعد جديدة ولا مؤثرة او اعادة انتاج المزاعم بعناوين مختلفة تتناسب مع ظروف ومعطيات المرحلة الحالية !.
أردت هنا أن أخاطبكم بالحقائق وليس بالعواطف، ونوضح الأمور للمنتقدين إن كان انتقادهم مبنياً على عدم اطلاع، ونقول للمحبين : لا تقلقوا , فكل الامور تسير وفق المخطط له، والدعوة عامة بإذن الله في 21 نوفمبر 2022 لحضور افتتاح مونديال قطر 2022 ومرحبا بالجميع محبين أو منتقدين .
وفي الختام أبشر الجميع أن هذا المقال هو البداية وسوف ننقوم بنشر التقرير كاملا وعلى أجزاء بعد ترجمته حرفيا ليكتشف الرأي العام بنفسه ما لنا وما علينا وما على الآخرين وما عليهم . وإذا كان الجواب يظهر من عنوانه كما يقولون، فانني أترككم مع الفقرة الأولى عن (ملف قطر) في الصفحة رقم 164 من تقرير جارسيا وعنوانها : ملف قطر..
يقول التقرير: “قدم القائمون على ملف قطر 2022 كل التعاون القيم والمفيد لتوضيح حقائق وملابسات هذه القضية. فقد اتاحوا وأحضروا الشهود المطلوبين وقدموا المستندات وردوا على كل المتابعات وذلك للحد الذي يمكن معه القول في هذا التقرير أن المسلك المتعاون لملف قطر 2022 لم يف فقط بمعايير الأخلاقيات بالفيفا، بل ذهب لما هو أبعد وهو مساعدة هذا التقرير في الكشف عن الكثير من الحقائق”.