في الفكر الرياضي .. مونديال قطر ..سباق الحضارات
1
د . هادي عبدالله
مونديال قطر نثر في سماء العالم شذرات ثقافية مهمة للدارسين في حياة الشعوب وثقافاتها وللباحثين في شؤون البشرية ومستقبلها , وذلك لان المباريات ونتائجها وكل التفاصيل التي تقع بين الانطلاق على المستطيل الأخضر والختام أي كل ما بين حفلي الافتتاح والختام انما هي تفاصيل عاطفية جميلة تداعب مشاعر عشاق الكرة ونجومها سواء بالانبساط والانشراح ام بالانقباض والاكتئاب .
اما الفلاسفة والعلماء والمفكرون الباحثون فأن الامر له من الابعاد ما يمتد الى سنين متوجهة صوب المستقبل وأخرى تمتد الى حيث جذور البشرية وحضاراتها الأولى التي نشأت في هذا الجزء من الكرة الأرضية الذي سلط عليه مونديال قطر الضوء بقوة ليعيد لمن أرمد فتكبر – على جهل – وعيه ورشده .
الثقافة في واحد من تعريفاتها الكثيرة جدا انها ,مجموع القواعد والعقائد والقيم التي يقبلها ويمتثل لها أفراد المجتمع , ذلك لانها – أي الثقافة – قوة وسلطة توجه سلوك المجتمع اذ تحدد لأفراده تصوراتهم عن أنفسهم والعالم من حولهم وتحدد لهم ما يحبون ويكرهون ويرغبون فيه ويرغبون عنه , مثل الطعام الذي يأكلون واللبس الذي يرتدون والطريقة التي يتكلمون بها والألعاب التي يمارسونها والرموز التي تعبر عن مكنونات نفوسهم .. اما التغيير المتسارع للثقافة فهو بدافع التوسع في التجارة الدولية , ووسائل الاعلام فضلا عن تزايد الكثافة السكانية وعوامل أخرى ..(اندرو : حبيب : 2015 ) .
واما الحضارة التي تعرف بانها نظام اجتماعي يعين الانسان على الزيادة من انتاجه الثقافي , فانها كما يصفها المؤرخ توينبي بانها حركة صاعدة وليست وقائع ثابتة جامدة , انما هي رحلة حياتية مستمرة لا تقف عند ميناء ما ” هذا المعنى الكبير الذي تفجر ينبوع عطاء في يوم افتتاح مونديال قطر كان غائبا عن كل أولئك المهاجمين للحضارة العربية الإسلامية من غيران يدركوا حقيقة عمقها ، ومن غير ان يستوعبوا قوة انطلاقتها وقدرتها على الاستفادة من الجديد في كل ما تجود به خلايا هذا الكوكب ,- الأرض التي اشرقت شمس حضارته الأولى من هذا الجزء منه , علما واخلاقا وتقنيات , ومع الزمن ظهر سباق الحضارات التي لن تتصادم , لان الصدام من فعل افراد – حكام – اما البناء فهو نتاج جهود أمم على مر قرون وقرون .
لذا فان الحضارات لا تفنى لان سرها كامن في احشاء اخواتها شرق الكوكب وغربه وانما يتراجع دور ليطغى على دور .. ومونديال قطر بشرى استعادة دور حضاري في سباق الحضارات .. الى الغد ..